مؤخرًا، تحدّت "بن آند جيريز" شركتها الأم "يونيليفر" برفع دعوى قضائية ضدها، بعد أن حاولت عرقلة جهودها لدعم فلسطين. الصراع بين الطرفين ليس جديدًا، وهذه الجرأة تجسّد تمسك "بن آند جيريز" بمواقفها الأخلاقية، رغم الضغوط التي تواجهها من شركتها الأم، مما يجعلها نموذجًا نادرًا لشركة تجارية تتحدى الهيمنة والتواطؤ في سبيل مبادئها.
وبينما تسعى "يونيليفر" للحفاظ على استثماراتها ومصالحها التجارية العالمية، تواصل "بن آند جيريز" الدفاع عن مواقفها تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدة أن التزامها الاجتماعي يمثل أولوية على المكاسب المالية.
تتصدر المنتجات التجميلية العالمية قائمة مشتريات السيدات حول العالم، لكنها خلف الإعلانات البراقة تخفي تمويلًا لدولة الاحتلال ودعمًا لسياساته الاستعمارية. لقد كشفت المقاطعة عن الوجه الحقيقي لشركات شهيرة تجاوزت كونها رموزًا للجمال، لتصبح أدوات تمويل تدعم الاستيطان وانتهاكات حقوق الفلسطينيين، بالإضافة إلى استثماراتها المباشرة في تسليح جيش الاحتلال واستمرار جرائمه.
من هنا، أصبحت مقاطعة هذه المنتجات واجبًا أخلاقيًا على كل سيدة تدعم القضية الفلسطينية، لأن الخيارات اليومية تصنع الفارق في معركة الحق وتُسهم في تقويض جرائم الاحتلال. حرب غزة أعادت ترتيب الأولويات وبلورت مفهومًا جديدًا للجمال؛ مفهومًا يرفض بريق الوجه المصنوع بمنتجات متورطة في الإبادة، ويحتفي بجمال المواقف النبيلة والتضامن مع المظلومين. قاطعي لأجل فلسطين، فالجمال الحقيقي هو دعم الحياة لا تمويل القتل.
أثبتت حملات المقاطعة الاقتصادية في إندونيسيا فاعليتها كأداة ضاغطة ذات تأثير قوي ومستمر، إذ أطلق مجلس العلماء الإندونيسي في عام 2023 فتوى تدعو لمقاطعة الشركات المرتبطة بالاحتلال تأكيدًا للواجب الإنساني في دعم فلسطين. وقد حققت هذه الحملة استجابة شعبية واسعة، مسجلةً نجاحات ملحوظة في السوق الإندونيسي، حيث شهدت شركات عالمية، مثل "دانون" و"بيتزا هت"، تراجعًا كبيرًا في الطلب، ما دفع بعضها إلى تغيير أسماء منافذها لتجنب خسائر أكبر.
كانت "كنتاكي فرايد تشيكن" من أبرز المتضررين، حيث سجلت شركة "فاست فود إندونيسيا" خسائر بلغت 35.2 مليون دولار أمريكي في الربع الثالث من 2024، وأغلقت 47 فرعًا . ما يعكس قوة المقاطعة كوسيلة فعّالة لدعم فلسطين، وتُظهر إندونيسيا كمثال ملهم للتضامن الشعبي، مؤكدةً على قدرة الشعوب في المقاومة الاقتصادية لنصرة فلسطين. وفي ظل هذا النجاح الملهم، يبقى السؤال: ما هي الشركة التالية التي ستكبدونها الخسائر؟
تُعد سوزان ساراندون واحدة من أبرز الأسماء في صناعة السينما الأمريكية، حيث فازت بجائزة الأوسكار عن دورها في فيلم "Dead Man Walking" عام 1996، ولها العديد من الأعمال الفنية المميزة التي تركت بصمة في تاريخ هوليوود. كما حصلت على العديد من الجوائز الأخرى، مثل جائزة "بافتا" وجائزة نقابة ممثلي الشاشة.
رغم الضغوط المهنية، اختارت سوزان ساراندون دعم فلسطين من خلال مشاركتها في تظاهرات ووقفات احتجاجية عدة في الولايات المتحدة، معلنةً رفضها التام للإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة. كان من أبرز هذه الاحتجاجات، تلك التي نظمها التجمع النسوي الفلسطيني في واشنطن. وعلى منصاتها الاجتماعية، لم تتوقف عن نشر مواقفها الداعمة لفلسطين، حيث كتبت سابقًا على منصة إكس: "ليس من الضروري أن تكون فلسطينيًا لتشعر بما يحدث في غزة، أنا أقف مع فلسطين.. لا أحد حر حتى يتحرر الجميع."
لكن موقف سوزان التضامني، دفع بعض استوديوهات هوليوود الكبرى إلى إدراج اسمها في "القائمة السوداء"، وهي قائمة تضم الأشخاص الذين يتم منعهم من العمل في صناعة السينما بسبب مواقفهم السياسية أو الاجتماعية. من بين الجهات التي قررت قطع علاقتها معها كانت وكالة "يو تي إيه"، إحدى أكبر وكالات التمثيل في هوليوود، التي تملك سلطة التحكم في العديد من الفرص التي قد تتاح للفنانين. بالمقابل، أشارت سوزان إلى التضييق الذي يعانيه العديد من الأفراد الذين عبروا عن مواقف مشابهة، قائلة: "هناك الكثير من الناس فقدوا وظائفهم كحراس، وككتاب، وكرسامين، وأشخاص يعملون في الكافتيريا، ومعلمين بدلاء تم فصلهم لأنهم غردوا بشيء ما، أو أعجبوا بتغريدة داعمة لفلسطين، أو طلبوا وقف إطلاق النار."
إلى جانب مسيرتها السينمائية، تُعرف سوزان ساراندون بنشاطها الاجتماعي البارز طوال حياتها الفنية. فقد دافعت عن حقوق الأقليات وساهمت في الترويج للقضايا الإنسانية. كما عملت كسفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة اليونيسيف، وحازت على جائزة العمل ضد الجوع الإنسانية في عام 2006.
تتصاعد الجهود الدولية والمحلية لحصار الاحتلال الإسرائيلي من جميع الجبهات، مع تزايد الإدانات وفضح جرائمه بعد 7 أكتوبر، من تعليق عضوية المنظمات الإسرائيلية، إلى سحب استثمارات ضخمة من شركات إسرائيلية وإغلاق فروع كبرى لكارفور. لم تعد “إسرائيل” قادرة على تلميع صورتها أمام العالم، فجرائم الإبادة وممارساتها العنصرية أصبحت مكشوفة أكثر من أي وقت مضى.
مقاطعة مجموعة MBC لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة لتراكمات طويلة من المحتوى والمواقف التي اعتبرها الجمهور العربي ترويجًا للتطبيع وخروجًا عن التضامن العربي. إذ أثارت بعض البرامج والأعمال الفنية التي بثتها القناة تساؤلات جدية حول مواقفها، حيث يُنظر إليها كخطوة تتجاوز الحياد وتلامس حدود التواطؤ مع الاحتلال.
ومع تراكم هذه المواقف والتعاقدات المثيرة للجدل مع جهات تدعم سياسات الاحتلال، تصاعدت مشاعر الغضب لدى الجمهور العربي، خاصة في ظل الأزمات المستمرة التي يمر بها شعبنا في غزة. من هنا، جاءت دعوات المقاطعة كوسيلة ضغط شعبية تطالب المجموعة بتعديل سياساتها وتقديم محتوى يعبر عن تطلعات الجمهور، ويعكس التزامًا بالقيم الإنسانية والمبادئ القومية العربية.
تواجه شركة مارفل مقاطعة متصاعدة يومًا بعد يوم، إذ لم يعد دعمها للاحتلال سريًّا كونها تقدم شخصيات كـ"صبرا" عميلة الموساد التي تخطط لقتل العرب، متجاهلةً أصوات الشعوب العربية التي ترى في هذا البطلة الخارقة رمزًا للإجرام. لقد تحوّلت قصص مارفل إلى منصة تطبيع مبطنة تدعم الاحتلال وتسهم في تبييض جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، ما يجعلها شريكًا مباشرًا في رواية تسوّغ الاحتلال وتغفل عن حقوق أهلنا الفلسطينيين.
ولم تتوقف مارفل عند "صبرا"، بل أعادت إنتاج قصة "سنو وايت" بشكل ينسجم مع أهداف دعائية، في محاولة بائسة لتجميل صورة الجنود الإسرائيليين عبر شخصيات خيالية. هذا التوظيف السياسي لأيقونات الطفولة والفن يكشف عن استهانةٍ مقصودة بالقضية الفلسطينية. وعليه، المقاطعة باتت الردّ العملي لجماهير ترفض تواطؤ هوليوود مع الاحتلال، وتُحمّل مارفل مسؤولية إضفاء "الشرعية" للعدو الإسرائيلي عبر الشاشات.
في اعتداء إسرائيلي غاشم، استُهدف صحفيين لبنانيين في مقر إقامتهم في بلدة حاصبيا بجنوب لبنان أثناء تغطيتهم الميدانية على الحدود، ما أسفر عن استشهاد غسان نجار، ووسام قاسم ومحمد رضا، الذين واجهوا مخاطر جسيمة أثناء أداء واجبهم في نقل الحقائق من المواقع المشتعلة. وقد أثار استهدافهم موجة من الاستنكار والتضامن مع الصحفيين الأبطال.
نعى صحفيون من مختلف الوسائل الإعلامية زملاءهم الذين دفعوا أرواحهم ثمنًا لنقل حقيقة الاحتلال، وأكدوا على مواصلة العمل في الميدان رغم التهديدات المتزايدة باستهدافهم. وأكدوا أن استهداف الإعلاميين لن يثنيهم عن مواصلة رسالتهم النبيلة في نقل معاناة الشعبين اللبناني والفلسطيني، مشددين على ضرورة توفير الحماية للصحفيين في مناطق الحرب وفتح تحقيق دولي لمحاسبة الكيان المسؤول عن استهداف الحقيقة وقتل الأبرياء.
مؤخرًا، أقدمت السلطات الإسرائيلية على مصادرة مقر وكالة الأونروا في القدس، في خطوة تهدف إلى تقييد خدماتها للاجئين الفلسطينيين. أثار هذا الإجراء غضبًا دوليًا ومخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية للاجئين. فما القصة؟
أجرى الطبيب المصري محمد توفيق، المتطوع ضمن فريق الطوارئ الطبي التابع لمنظمة الصحة العالمية، 33 عملية جراحية خلال 13 ساعة متواصلة في المستشفى الأوروبي بقطاع غزة. توفيق، الذي وصل غزة في مايو الماضي بصحبة فريق من 19 طبيبًا، كان يقدم خدماته الجراحية لإنقاذ عيون المصابين جراء الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في القطاع.
عاد الدكتور محمد توفيق إلى غزة مجددًا في نهاية سبتمبر، لاستكمال رحلته في العلاج، والتي تهدف إلى إسناد الوضع الطبي والإنساني في غزة حيث يسعى لتقديم الدعم الطبي الضروري وسط نقص الخدمات الطبية المتاحة. توفيق أكد التزامه بمواصلة العمل في غزة، مُشددًا على أهمية الدعم الدولي للقطاع الطبي في مواجهة التحديات اليومية التي يفرضها الحصار والأوضاع الأمنية.