يجمع محققو الأمم المتحدة الأدلة، التي يمكن استخدامها في محاكمات مقبلة للضالعين من كيان الاحتلال في ترحيل المحامي الفلسطيني الفرنسي صلاح حموري قسرًا من مدينة القدس المحتلة، فيما أشاروا إلى صياغتهم لقائمة من الأشخاص والجماعات المشتبه بهم، والذين من المحتمل محاكمتهم بتهم تتعلق بارتكابهم جرائم حرب.
وكشف فريق التحقيق في تقرير للجنة التحقيق الدولية المعنية بفلسطين، حول انتهاك سلطات الاحتلال الإسرائيلية لحقوق أعضاء المجتمع المدني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن تحديده لعددٍ من الجناة المحتملين عدا عن احتفاظه بمعلومات حول مسؤوليتهم في طرد حموري من بلاده.
كما أشار الفريق إلى مساهمة شركة طيران العال الإسرائيلية وموظفوها في إتمام الإجراءات غير القانونية لترحيل حموري، وذلك ضمن مساعي الاحتلال الإسرائيلي بتكريس وجوده من خلال استراتيجية نزع الشرعية عن أعضاء المجتمع المدني.
ووسط تنديدات مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإلغاء تصريح إقامة حموري في القدس بسبب "خرق الولاء" المزعوم لكيان الاحتلال في ديسمبر الماضي، اعتبر ترحيل حموري "جريمة حرب"، كما أكدت لجنة التحقيق في تقريرها بشأن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة على أن طرد حموري يعد انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي.
وفي ذلك قال "كريس سيدوتي"، أحد المفوضين الثلاثة عبر بيانٍ له: "إن المطالبة بالولاء من الأشخاص المحميين في الأراضي المحتلة يمثل انتهاك مقيت للقانون الإنساني الدولي".
وبينما أدرجت اللجنة قضية حموري في تقريرها حول انتهاك الحقوق المدنية بفلسطين، كمثال للقيود المتزايدة التي فُرضت لإسكات المجتمع المدني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، انتقدت بعثة "إسرائيل" اللجنة كما اتهمتها بالتحيز المسبق ضد كيان الاحتلال.
وذكر التقرير أن السلطات الإسرائيلية تنتهك مجموعة من حقوق المجتمع المدني الفلسطيني من خلال المضايقة، والتهديدات، والاعتقالات، والاستجواب، والاحتجاز، والتعذيب، وذلك بعد إجراء اللجنة لـ 127 مقابلة مع ضحايا وشهود وخبراء من أعضاء المجتمع المدني.
يأتي هذا التحقيق في أعقاب تهجير صلاح حموري 38 عامًا المحامي الفلسطيني والباحث الميداني في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان من "إسرائيل" في ديسمبر الماضي، بعد تعرضه لسلسلة من الاعتقالات الإدارية فيها بلا لائحة اتهام واضحة.
وبينما احتجزت السلطات الإسرائيلية حموري في وقت سابق بشبهة صلات بينه وبين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية"، نفى حموري هذا الادعاء وأكد على براءته في عدد كبير من القضايا.
وتعتزم اللجنة مواصلة استكشاف المسؤولية الجنائية لجميع المتورطين في الترحيل القسري لحموري، كما طالبت المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بإعطاء الأولوية للتحقيق في الوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك تحديد الجناة المباشرين، ومن يمارسون مسؤولية القيادة في ذلك إلى جانب الأفراد الذين يحرضون على الجرائم الدولية.
يذكر أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية تأسست عام 2021م، في أعقاب قرار مجلس حقوق الإنسان المعنون بـ"ضمان احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلّة، بما فيها شرق القدس، وفي إسرائيل" خلال دورة استثنائية لبحث الانتهاكات هناك.
ورصدت اللجنة حظر الاحتلال لسبع منظمات حقوقية فلسطينية في عامي 2020 و 2021، وذلك بعد مداهمة مقراتهم وإغلاق بعض مكاتبهم بذريعة "الإرهاب".
فيما تقوم اللجنة بتقديم تقرير سنوي عن أنشطتها الرئيسية إلى مجلس حقوق الإنسان وإلى الجمعية العامة، وذلك في ظل تحقيقها بجميع الأسباب الكامنة وراء التوترات المتكرّرة وعدم الاستقرار، بما في ذلك التمييز والقمع المنهجيان على أساس الهوية الوطنية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية"، لا سيما في الأراضي الفلسطينية.