الرئيسية| التقارير |تفاصيل الخبر

أشياء عليك معرفتها قبل مقاطعة التمور الإسرائيلية

تمر صهيوني
تمر صهيوني

قبيل حلول شهر رمضان المبارك، ومع تصاعد جرائم الإبادة الجماعية في غزة، واشتداد حملات المقاطعة الشعبية في العالم، أعلن مجلس النباتات الإسرائيلي تعليق حملة تسويقية بقيمة نصف مليون دولار كانت تستهدف الترويج لـ "تمور المجهول" في الأسواق الأوروبية، خوفًا من ارتدادات عكسية لها تفاقم خسائر تجارة التمور الإسرائيلية.

لماذا نقاطع التمور الإسرائيلية؟ وما هي الجرائم المستترة خلف هذه الأشجار التي سرقها الاحتلال؟ وكيف وأين ومتى انطلقت حملات مقاطعة منتجات التمور الإسرائيلية؟ هذه المادة تقدم لكم الإجابات وتدعوكم لتوعية محيطكم ودعوته للانضمام إلى حملات المقاطعة العالمية للتمور قبل وبعد وخلال شهر رمضان المبارك. 
 

ما هي مصادر التمور الإسرائيلية؟

تعود بدايات مشاريع الاستثمار الإسرائيلي في زراعة التمور إلى ثلاثينيات القرن الماضي، حينما نجح الاحتلال بسرقة سلالات تمور عربية من المغرب والعراق ونقلها إلى المستوطنات الأولى التي أقامها في فلسطين خلال سنوات الاحتلال البريطاني. 

بعد انهيار زراعة الفلفل التي تصدرها الاحتلال بسبب المنافسة الشرسة في الأسواق الأوروبية، اتجهت الحكومة الإسرائيلية إلى دعم زراعة النخيل وإنتاج التمور لتعويض خسائر المزارعين الإسرائيليين، وحظيت هذه المشاريع بدعم مطلق عبر تركيز المزارع في الأراضي الفلسطينية المحتلة في غور الأردن ووادي عربة. 

يسوّق الاحتلال اليوم عدة أنواع من التمور ويصل إنتاجه السنوي إلى 110 ألف طن، يتصدرها "تمر المجهول" الذي سُرقت فسائله من المغرب وأطلق عليه الاحتلال تسمية "مجدول أو مجهول" لإخفاء كونه سلالة تمر عربية، وجرى تطويرها عبر تقنيات الهندسة الجينية، حتى وصل إنتاج الاحتلال سنويًا منه إلى 30 ألف طن تشكل 75٪ من سوق التمر المجهول حول العالم، وحققت للاحتلال عائدات بلغت 340 مليون دولار عام 2022. 


أين تُزرع التمور الإسرائيلية؟ 

حوّل الاحتلال مستوطنات غور الأردن المحتل في الضفة الغربية ووادي عربة، إلى مزارع ضخمة لإنتاج التمور، على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وباستخدام مصادر المياه التي استولى عليها، كما يمتلك الاحتلال مزارع في جنوب أفريقيا لإنتاج التمور في فصل الخريف الذي يوافق الربيع في نصف الكرة الأرضية الشمالي.

يشكل إنتاج المستوطنات من التمور 60٪ من إجمالي الإنتاج الكلي للاحتلال، وتشكل أوروبا أكبر وجهة تصديرية، حيث تستورد نصف إنتاج الاحتلال من التمور، وتعتبر بريطانيا ثاني أكبر مستورد لتمور الاحتلال في أوروبا. 


لماذا نقاطع التمور الإسرائيلية؟ 

علاوة على كونها أحد مصادر تمويل كيان الاحتلال وجرائمه بملايين الدولارات سنويًا، فإن زراعة وإنتاج التمور الإسرائيلية بحد ذاتها قائمة على مبدأ الاحتلال والاستيطان، وسرقة الأراضي الفلسطينية، ومصادر المياه، وتدمير الزراعة الفلسطينية بكافة الوسائل لمنعها من المنافسة في الأسواق الخارجية، حيث تتربح زراعة التمور الإسرائيلة من كافة أشكال منظومة الاحتلال والاستيطان والفصل العنصري الإسرائيلي. 

مدينة أريحا الفلسطينية في الأغوار المحتلة، تشكل مزارع النخيل 50٪ من إجمالي مساحتها، إلا أن 86٪ من هذه المزارع إما مُصادرة من قبل جيش الاحتلال أو مهددة بالمصادرة، وهو ما يشكل ضربة قاسية للمزارعين الفلسطينيين وإنتاج التمر الفلسطيني. 

يواجه المزارعون في الأغوار أشكالًا عديدة من هجمات الاحتلال الهادفة لاقتلاعهم من أرضهم، وتدمير مزارعهم، وتشمل إلى جانب مصادرة الأراضي، أو تحويلها إلى مواقع عسكرية، أو الاستيلاء عليها لصالح المستوطنات، جملة من القوانين التي فرضها الاحتلال لقهر المزارعين. 

يحظر الاحتلال بيع أشتال النخيل للمزارعين الفلسطينيين، ويُقدم من يحاول بيعها من فلسطينيي الداخل المحتل إلى المحاكمة العسكرية، ويُمنع المزارعون في الأغوار من الحصول على المياه، أو حفر الآبار، وتُصادر معداتهم وآلياتهم الزراعية بعدة حجج، كما يتحكم الاحتلال بمواعيد تلقيح الأشجار وتوريد المبيدات والأسمدة لهم. 

إلى جانب هذه الهجمة الاستيطانية، يتكبد المزارعون خسائر فادحة بسبب انعكاس إجراءات الاحتلال على أسعار منتجاتهم، إذ يصل سعر كيلو التمر الفلسطيني إلى ضعف سعر كيلو التمر المنتج في المستوطنات، بسبب الحوافز والدعم الذي يقدمه الاحتلال لمزارعي المستوطنات، وهو ما ينعكس على قدرة التمور الفلسطينية على المنافسة في السوق المحلي. 

وفي الأسواق الخارجية يواصل الاحتلال تدميره الممنهج للزراعة الفلسطينية عبر التحكم بالمعابر التجارية ومواعيد تصدير المنتجات وحتى منع تصديرها بالكامل في بعض الأحيان، إضافة إلى لجوء شركاته لتسويق منتجاتها تحت أسماء عربية ومسميات خادعة للجمهور مثل "تمور الأراضي المقدسة"، أو استخدام تصاميم وغلافات تضم مساجد ورموز إسلامية. 


هل هناك حملات مقاطعة للتمور الإسرائيلية؟ 

شهدت المغرب عام 2015، إطلاق حملة شعبية سنوية تقودها حركة المقاطعة، لتشجيع مقاطعة التمور الإسرائيلية التي تسللت إلى الأسواق المغربية عبر صفقات سرية قادها بعض التجار، وفي ظل تلكؤ حكومي ورسمي عن التصدي لها، قبل سنوات من تطبيع العلاقات بين النظام المغربي والاحتلال. 

وقالت الحركة في تصريحات صحفية عام 2016، أن حملتها حققت نجاحات على الأرض بعد انضمام عدة منظمات مجتمع مدني مغربية للحشد لها، وأن الطلب على التمور إسرائيلية المنشأ قد تراجع في الأسواق بعد أن ساهمت الحملة في إرشاد المواطنين حول تمور الاحتلال، ما قاد لتراجع الطلب عليها في الأسواق خصوصًا في المواسم مثل شهر رمضان المبارك. 

"سجلت حملة المقاطعة نجاحًا مهما جدا لكنه يبقى نسبيا" 

سيون أسيدون - حركة المقاطعة في المغرب 


وبالتزامن، شهدت عدة دول في أوروبا وأمريكا الشمالية حملات قادتها منظمات الجالية المسلمة، وجهات متضامنة مع فلسطين لمقاطعة التمور الإسرائيلية بوصفها منتجات استيطانية تساهم في دعم وتمويل نظام الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي. 

في بريطانيا، تطلق منظمة "أصدقاء الأقصى" حملات سنوية تحت عنوان "تفقد الملصق - Check The Label"، والتي تحث أفراد الجالية المسلمة والمواطنين على تفقد الرموز التجارية الخاصة بمنتجات التمور، التي توضّح مصدرها، ومقاطعة الإسرائيلية منها، حيث توزّع المنظمة منشورات بعدة لغات على أبواب المساجد وفي الساحات العامة وداخل المتاجر، تحمل الرمز التجاري للاحتلال، وأسماء الشركات والعلامات التجارية الإسرائيلية. 
 

 وفي الولايات المتحدة، تقود منظمة "مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين" حملات سنوية لإدراج الشركات الاستيطانية الإسرائيلية في قوائم للمقاطعة، كما تقود حركة المقاطعة في كندا حملات مماثلة للتعريف بجرائم المستوطنات والدعوة لمقاطعة التمور التي يرتفع الطلب عليها في أوساط الجالية المسلمة في شهر رمضان المبارك، إضافة لحملات تعريف بالمنتجات الفلسطينية، والحث على دعم المزارعين الفلسطينيين. 
 

يذكر أنه في عام 2019، أصدرت محكمة العدل الأوروبية قراراً يطالب دول الاتحاد الأوروبي تحديد المنتجات المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية على ملصقاتها، بغية عدم تضليل المستهلكين حول حقيقة أن إسرائيل "موجودة في الأراضي المعنية (1967) بوصفها قوة احتلال لا بوصفها كياناً ذا سيادة".
 

هل حققت حملات مقاطعة التمور الإسرائيلية أي نتائج؟ 

يعترف الاحتلال بأثر حملات مقاطعة التمور في أوروبا وأمريكا الشمالية، والخسائر المالية التي يتكبدها نتيجة لهذه الحملات، حيث قال راني بارنيس، رئيس قسم الفاكهة في "مجلس النباتات" الإسرائيلي في تصريحات صحفية: "أي شخص يرى المنتجات الإسرائيلية على أرفف المحلات يفكر مرتين، وعندما يجد المسلمون مصدرا آخر سيشترون منه لمعاقبة إسرائيل".

كذلك اعترف مدير تطوير صناعة التمور في ذات المجلس، ليجال تويغ، فقال أن المصدرين الإسرائيليين يواجهون احجامًا من قبل المستوردين، مضيًفا: "المستوردون في أوروبا يقولون لتجارنا أنتم من إسرائيل لذا يجب تغيير بلد المنشأ على العبوات، أو الاستيراد عن طريق وسيط، لأننا لا ندري ما نفعل مع زبائننا".

كما أقر رئيس قسم التمور في "مجلس النبات" الإسرائيلي، أمنون غرينبيرج، أن كيانه يواجه حملة مقاطعة واسعة في أوروبا، تستهدف جميع أنواع التمور الإسرائيلية، قائلًا أن انعكاسات الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة حاليًا، ستتضح في مايو المقبل، وستكشف عن حجم الخسائر التي تكبدها الاحتلال. 
 

كيف يحاول الاحتلال التحايل على حملات مقاطعة التمور الإسرائيلية؟ 

يلجأ الاحتلال إلى الاحتيال المباشر لتسويق منتجاته والالتفاف على حملات المقاطعة الواسعة لمنتجاته من التمور، ومن ضمن هذه الطرق، تسويق المنتجات عبر أسماء شركات وهمية مثل "تمور الأرض المقدسة" واستعمال صناديق تغليف تحمل رموزًا إسلامية مثل الهلال والمسجد وغيرها.


كما تقوم عدة شركات إسرائيلية بإخفاء مصدر التمور الأساسي والاكتفاء بالإشارة إلى أنه "إسرائيلي" لتلافي حملات المقاطعة التجارية التي تستهدف منتجات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية. 

ومن الأساليب التي يلجأ لها الاحتلال ما يعرف بـ "تبييض التمور" حيث يتعاون مع عدد من التجار الفلسطينيين أو العرب، لتسويق التمور تحت أسماء شركاتهم، بوصفها تمورًا فلسطينية أو عربية، فيما تلجأ متاجر أوروبية وأمريكية إلى إعادة تغليف التمور والتخلص من الحاويات الأصلية لها التي تكشف عن بلد المنشأ. 
 

المصادر: 

مقاطعة نشطة

الأكثر قراءة

أخبار ذات صلة