الرئيسية| التقارير |تفاصيل الخبر
مقاطعةمقاطعة كنداكندا الولايات المتحدة الأمريكيةالولايات المتحدة الأمريكية

من براون إلى ماكجيل.. ماذا نعرف عن ثورة الإضرابات الطلابية عن الطعام؟

من براون إلى ماكجيل.. ماذا نعرف عن ثورة الإضرابات الطلابية عن الطعام؟
من براون إلى ماكجيل.. ماذا نعرف عن ثورة الإضرابات الطلابية عن الطعام؟

منذ اللحظات الأولى لمعركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر عام 2023، أعلنت المنظمات الطلابية المناصرة لفلسطين موقفها المنحاز إلى جانب شعبنا وحقه الأصيل في المقاومة، ورغم موجات التحريض المسعورة العاتية، وتكشير الغرب بكل مؤسساته عن أنيابه في وجه أنصار فلسطين، ولجوء الجامعات وإدارتها إلى إجراءات قمعية غير مسبوقة استهدفت الطلاب بالعقوبات والمجالس التأديبية، وصولًا إلى حظر المنظمات الطلابية كما حدث في جامعة كولومبيا وغيرها، لم تتراجع موجة التضامن مع فلسطين، بل انها اكتسبت زخمًا وقوة وحضورًا فاعلًا على الأرض نتيجة الجنون الإسرائيلي ومشاهد الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة، وعداد الضحايا الذي ارتفع إلى عشرات الآلاف خلال أسابيع معدودة.


اجترحت موجة التضامن مع فلسطين في الجامعات الغربية عمومًا وفي الجامعات الأمريكية، العديد من الأشكال والوسائل لفرض حضورها والتعبير عن مطالبها التي توزعت بين الضغط لإصدار بيانات تدين الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، وتؤيد مطالب وقف إطلاق النار، وصولًا إلى مطالب المقاطعة الأكاديمية للاحتلال ومؤسساته، والسعي لسحب الاستثمارات الجامعية من شركات الأسلحة المتورطة بدعم جريمة الإبادة الجماعية، والتربح منها، وضمان استمراريتها عبر تزويد جيش الاحتلال بأطنان العتاد العسكري والذخائر الحربية وغيرها. 

إلى جانب المظاهرات الحاشدة، والاعتصامات، وعواصف التغريد والإضرابات والسيطرة على المباني الجامعية وتعطيل الحياة الأكاديمية، ظهر نمط جديد هذه المرة تمثل في الإضراب عن الطعام الذي انطلقت شرارته من جامعة براون الأمريكية في فبراير 2024، وانتقل ليشكل مصدر إلهام لأنصار فلسطين في عدد من الجامعات الأخرى، وشكل وسيلة ضغط مباشرة على إدارات الجامعات.

 

كيف بدأ الإضراب عن الطعام في جامعة براون؟ 

يوم الجمعة الموافق 2 فبراير 2024، أعلن 19 طالبًا في جامعة براون الأمريكية إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، بدعوة من تحالف "Brown Divest" الطلابي، للضغط على إدارة الجامعة لسحب استثماراتها من شركات الأسلحة المتورطة بدعم جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. 

جاءت الدعوة استباقًا لاجتماع مجلس إدارة الجامعة الذي كان مخططًا له بتاريخ 8-9 فبراير، وامتدادًا لحراك طلابي بدأ في نوفمبر 2023، قام خلاله عشرات الطلاب بالاعتصام داخل مباني الجامعة، وانتهى باعتقال 42 طالبًا منهم على يد الشرطة الأمريكية التي استدعتها إدارة الجامعة إلى داخل الحرم الجامعي لاعتقال الطلاب، قبل توجيه اتهامات جنائية لهم وتحويلهم للمحاكمة التي تقرر عقدها في مارس من ذات العام.

تعود جذور الحراك الطلابي في جامعة براون ضد الاستثمارات في شركات الأسلحة إلى عام 2019، الذي صوت فيه 69٪ من طلاب الجامعة لصالح سحب الاستثمارات من الشركات المتورطة في دعم الاحتلال الإسرائيلي، لترد الجامعة برفض نتائج الاستفتاء وإحالة الأمر إلى لجنة استشارية أصدرت عام 2020، تقريرًا نص على "المسؤولية الأخلاقية لإدارة الجامعة حول استثماراتها الخارجية"، والذي رفضت الإدارة الانصياع له أيضًا بدعوى "الحياد وعدم التورط في صراعات سياسية".  

"على الرغم من أنني أشعر بالدوار قليلاً، إلا أنني أعلم أنني محظوظ، إذا ظهرت مشكلة طبية، فسيتم نقلي على الفور إلى المستشفى، وهو أمر لم يعد موجودًا لدى أهلي في غزة" 
طالب فلسطيني مضرب عن الطعام في جامعة براون 

كانت إحدى أهداف اللجوء إلى خطوة الإضراب عن الطعام، حشد وتصعيد الحراك الطلابي ضد إدارة الرئيس باكسون، وجلب تغطية إعلامية وموجة تضامن من المجتمع الطلابي والخريجين والمجتمع في مدينة براون، وهو ما نجح به الطلاب في إضرابهم الذي استمر لمدة 7 أيام كاملة، حيث شهدت الجامعة فعاليات تضامنية واسعة مع الطلاب المضربين عن الطعام شارك بها طلاب وأعضاء من هيئة التدريس والموظفين، شملت مظاهرات ووقفات دعم وإسناد، علاوة على شروع 200 من الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية في إضراب تضامني استمر لـ 32 ساعة متواصلة، فيما ردت الجامعة بمنع دخول الصحفيين إلى الحرم الجامعي لتغطية فعاليات الإضراب. 

"ليس هناك شيء غير عادي في تقييد وصول المراسلين إلى مباني الحرم الجامعي، حيث قد يتوقع الأفراد الخصوصية وحيث تتم الأنشطة الأكاديمية والإدارية العادية"
بريان كلارك المتحدث باسم جامعة "براون" في حديث لصحيفة The Nation

سُجل إضراب طلاب جامعة براون كأطول إضراب طلابي عن الطعام في الجامعات الأمريكية بعد السابع من أكتوبر حتى حينه، وانتهى بانتهاء اجتماعات مجلس إدارة الجامعة الذي رفض بشكل قاطع نقاش سحب الاستثمارات، ورد عليه الطلاب بالتعهد باستمرار حراكهم ضد إدارة الجامعة بأشكال عدة. 

"لقد انتهى إضرابنا عن الطعام لكننا لن نتوقف عن الضغط على جامعة براون لإنهاء تواطؤها في الإبادة الجماعية"
بيان طلاب براون في ختام الإضراب المفتوح عن الطعام

 

 

هل هو الإضراب الأول عن الطعام في تاريخ جامعة براون؟ 

"تشعر الجامعات بحذر شديد من الاستسلام الفوري لمطالب الطلاب المضربين عن الطعام. ومع ذلك، فإن الوضوح الأخلاقي الناتج عن تضحية الطلاب بأنفسهم لديه القدرة على هز المؤسسات" 
موقع "موندويس"

سبق لجامعة براون أن شهدت إضرابات سابقة عن الطعام، كان أولها عام 1986، حينما شرع أربعة طلاب في إضراب مفتوح عن الطعام استمر 10 أيام داخل كنيسة مانينغ، مطالبين إدارة الجامعة بسحب استثماراتها في نظام الفصل العنصري البائد في جنوب أفريقيا، بعد أن خاض الطلاب احتجاجات سلمية واسعة لذات الغرض، منها اعتصام داخل أحد مباني الجامعة جرى على إثره اعتقال 14 طالبًا منهم ابنة الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، وقد ردت الجامعة على الإضراب الطلابي بفصل الطلاب وشطب قيودهم الجامعية، إلى حين فك إضرابهم عن الطعام، مع تمسكها باستثماراتها في نظام الفصل العنصري البائد بجنوب أفريقيا.

توسع الإضراب الطلابي عن الطعام في حينه من جامعة براون إلى جامعات كولومبيا وروتجرز وويليامز وغيرها، وشكل جزءًا مهمًا من الحركة المناهضة للفصل العنصري التي أثمرت في النهاية إدانة دولية للنظام، وفرضت عقوبات قادت لإسقاطه عام 1993.

وفي عقود الستينيات حتى التسعينيات شهدت الجامعات الأمريكية، عدة إضرابات طلابية عن الطعام، انتصر عددٌ منها وانتزع مطالبه التي توزعت بين الاحتجاج على حرب فيتنام، وصولًا إلى تدشين برامج الدراسات العرقية، والقضاء على العنصرية ضد السود، كما نجحت إضرابات مماثلة في إجبار عدد من الجامعات على سحب استثماراتها في شركات الوقود الأحفوري، وتشريع سياسات لدعم الطلاب والخريجين والموظفين ومنحهم المزيد من الحقوق.

هل تمدد الإضراب عن الطعام من جامعة براون إلى جامعات أخرى؟

بعد أيام من انتهاء إضراب طلاب جامعة براون، وفي تاريخ 21 فبراير 2024، شرع ثمانية من طلاب كلية "دارتموث" بإضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بسحب استثمارات جامعتهم من الشركات المتورطة بدعم الإبادة الجماعية في غزة، وتزامن هذا الإعلان مع شروع ثلاثة من طلاب جامعة "ماكجيل" الكندية في إضراب مماثل.


في اليوم الخامس من الإضراب عن الطعام في كلية "دارتموث"، نقل الطالب جوردال نارول إلى المشفى بعد تدهور وضعه الصحي، ما تسبب في تصاعد الدعم الطلابي لرفاقهم المضربين عن الطعام، وبتاريخ 2 مارس، أعلن طلاب كلية "دارتموث" انتهاء إضرابهم عن الطعام في يومه الـ 12 على التوالي، بعد التوصل إلى اتفاق مع عميد الكلية، سكوت براون، الذي أكد للطلاب أن لجنة استشارية في مجلس الأمناء، ستجتمع بشكل دوري على مدار العام لدارسة استثمارات الكلية، ومناقشة مقترح سحب الاستثمارات من الشركات الداعمة للاحتلال.

 

استمر الإضراب المفتوح عن الطعام في جامعة ماكجيل حتى كتابة هذه السطور التي أتم فيها الطلاب المضربون عن الطعام 42 يومًا متواصلًا من القتال بأمعائهم الخاوية، أشعلت موجة تضامن واسعة معهم طوال الأسابيع الماضية، حيث شهد الحرم الجامعي بتاريخ 25 فبراير 2024، مظاهرات طلابية حاشدة قامت بإغلاق مداخل جامعة "ماكجيل" وتعطيل الدراسة بشكل كامل تضامنًا مع المضربين عن الطعام، وفي اليوم التالي أعلن عدد من الطلاب انضمامهم للإضراب عن الطعام، فيما شاركت نواة الإضراب في اعتصام احتجاجي داخل مبنى الإدارة. 

"نحن نعيش في عالم حيث إدارتنا لن تفعل شيئًا عندما يقوم طلابها بتجويع أنفسهم لأنهم يرفضون أن يكونوا متواطئين في الإبادة الجماعية والفصل العنصري"، لن نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد الأطفال يتضورون جوعًا والناس يُقتلون في غزّة" 
بيان طلاب جامعة "ماكجيل" في اليوم الـ 21 من الإضراب عن الطعام 

شرارة إضراب براون لم تقف عند حدود جامعة "ماكجيل"، إذ أعلن عدد من طلاب جامعة جنوب فلوريدا بتاريخ 18 مارس 2024، شروعهم في إضراب مفتوح عن الطعام بعد انتهاء مهلة أسبوعين منحوها لإدارة الجامعة لتلبية 4 مطالب رئيسية منها إصدار بيان يدعو علانية إلى وقف إطلاق النار في غزة، وسحب الاستثمارات من 5 شركات متورطة في دعم الإبادة الجماعية الإسرائيلية.

بعد 9 أيام من الإضراب المفتوح عن الطعام، نُقل 3 من طلاب جامعة جنوب فلوريدا إلى المشافي بعد تدهور حالتهم الصحية، ومعاناتهم من أعراض خطيرة شملت الإغماء وضعف النبض وخدر الأطراف، فيما يواصل 7 من رفاقهم إضرابهم المفتوح عن الطعام حتى اليوم، وقد كسر إضرابهم حاجز الـ 15 يومًا على التوالي. 

"كان اختيار الإضراب عن الطعام مقصودًا، إنها أيضًا محاولة لتحويل انتباه الجميع إلى المجاعة التي أقرتها الدولة والتي تستخدمها إسرائيل كسلاح لخدمة حملة الإبادة الجماعية"، بهذه الكلمات تحدثت الطالبة الفلسطينية في جامعة "بروان"، نور عباهرة، لأحد الصحفيين في اليوم الرابع من إضرابها مع رفاقها عن الطعام، معبرة عن الوعي الطلابي الواسع بحجم وضرورة التحرك بكافة السبل لقطع شرايين إمداد الاحتلال.

لا تزال الإبادة الجماعية متواصلة في غزة للشهر السادس على التوالي، ولا زال الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية، يكتسب المزيد من الزخم والحضور، وقادرًا على تحقيق الإنجازات وفرضها على الواقع، وأمام تجارب الإضرابات عن الطعام، تحضر أشكال التضامن والحراك الأخرى كالمظاهرات والاعتصامات وتعطيل الحياة الجامعية، التي انتزعت انتصارات واسعة في جامعات ولاية كاليفورنيا، التي صوتت خمس منها خلال شهر واحد على سحب الاستثمارات وقطع العلاقات الأكاديمية مع الاحتلال، وهي جامعات كاليفورنيا، كاليفورنيا ديفيس، كاليفورنيا لوس أنجلوس، وكاليفورنيا ريفير سايد.

 

 

 

  •    

  :المصادر 

  •  @BrownDivest 
  • browndailyherald.com
  • mondoweiss.net 
  • thenation.com

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقاطعة نشطة

الأكثر قراءة

أخبار ذات صلة