الرئيسية| التقارير |تفاصيل الخبر

بعد موجة التطبيع الأولى.. ماذا يجب أن نعرف؟

بعد موجة التطبيع الأولى.. ماذا يجب أن نعرف؟


أكثر من 45 يومًا مرّت على إعلان الإمارات العربية المتحدة تطبيع كامل علاقاتها مع كيان الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل ورسمي، تبعه إعلانٌ بحريني وتأييدٌ عُماني ومصري علني، وتواطؤ من جامعة الدول العربية التي أسقطت مشروع قرار فلسطيني لإدانة التطبيع، والكثير من الصمت وتجنب "الخوض في القرارات السيادية" للدول.



رغم ذلك، هناك العديد من الدول التي عبّرت عن موقفها الرافض للتطبيع، على الأقل حتى "تحقيق السلام وفقًا لحل الدولتين"، منها السعودية، وقطر والكويت اللتين أكدتا رفض التطبيع، إضافةً لجهات وفعاليات شعبية عربية عديدة رفضت التطبيع جملة وتفصيلًا.



مواقف داعمة للتطبيع



بعد قرار التطبيع الإماراتي الذي أعلن عنه في 23 أغسطس/آب الماضي، رحبت سلطنة عُمان بالاتفاق بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي على تطبيع العلاقات بشكل كامل، معربةً عن أملها في أن يُسهم قرار الإمارات في "تحقيق السلام في المنطقة".
وقالت في بيانٍ رسمي، "تعرب السلطنة عن تأييدها قرار دولة الإمارات بشأن العلاقات مع "إسرائيل" في إطار الإعلان التاريخي المشترك بينها وبين الولايات المتحدة و"إسرائيل".



أمّا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال "تابعت باهتمام وتقدير بالغ البيان المشترك الثلاثي بين الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية الشقيقة و"إسرائيل" حول الاتفاق على إيقاف ضم "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية، واتخاذ خطوات من شأنها إحلال السلام في الشرق الأوسط".
وأضاف السيسي: "أثمن جهود القائمين على هذا الاتفاق من أجل تحقيق الازدهار والاستقرار لمنطقتنا".



بينما البحرين التي أقدمت على خطوة مماثلة، هنأت الإمارات العربية المتحدة على الإعلان مع الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" عن "التوصل لاتفاق يوقف ضم الأراضي الفلسطينية، واتخاذ خطوات تعزز فرص التوصل إلى السلام في الشرق الأوسط".
وأشادت البحرين، بالجهود الدبلوماسية لدولة الإمارات، مؤكدة بأن هذه الخطوة "التاريخية" ستسهم في "تعزيز الاستقرار والسلم في المنطقة".



وإن كانت السعودية أعلنت بشكل رسمي عدم نيتها إقامة علاقات مع الاحتلال، على الأقل حتى حل القضية الفلسطينية، إلا أن صحيفة “الغارديان” البريطانية كشفت في تقريرٍ لها، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حث الإمارات والبحرين على تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، وكان يضع الأساس المنطقي لاتفاقٍ من شأنه أن يقلب السياسات الإقليمية تجاه خصم طويل الأمد.
وأوضحت الصحيفة أنه بجانب الامتيازات السياسية التي سيحصل عليها ابن سلمان من واشنطن إلا أن هناك دافعًا آخر يحركه، وهو تشكيل غطاء للسعودية في حال توقيعها اتفاقًا تطبيعيًا من خلال عقد حلفائه من الخليج اتفاقات سلام مع “إسرائيل” سابقًا.



وعلى خلاف الإجماع الفلسطيني الرافض للتطبيع بشكل صريح من خلال وصفه بالخيانة والغدر، أعلن ما يُسمى التيار الإصلاحي في حركة فتح، التابع لرجل الأعمال الأمني محمد دحلان: "استقلالية مواقفنا ونستذكر الدور التاريخي للإمارات في دعم شعبنا وثورتنا"، مضيفًا “نأمل بأنها ستراعي دومًا مصالح شعبنا في كل علاقاتها”.



ويبدو أن رجال لا يسعون إلا لمصالحهم بالمُجمل، إذ قال رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري “إن على الفلسطينيين إيجاد طريقة لتحويل الاتفاقات التي أبرمتها “إسرائيل” الشهر الماضي مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين إلى شيء إيجابي بالنسبة لنا".
واعتبر المصري أن “الوضع يقتضي أن نتمسّك بحقنا الشرعي في تحديد مسار قضيتنا بعيدًا عن العاطفة والشعارات، موقفنا من اتفاقيات التطبيع يجب أن ترافقه مطالبة الدول المطبعة بالضغط على “إسرائيل” لوقف الاستيطان ولإقامة الدولة الفلسطينية".
وأعلن عن عدم معارضته لقبول أي استثمارات من طرف الإمارات والبحرين في أي من الشركات الخاصة به.



مواقف حذرة ورمادية



وجاء موقف الأردن من الاتفاق مشروطًا بما "ستقوم به إسرائيل"، إذ قال وزير خارجية المملكة أيمن الصفدي: "إن أثر الاتفاق على جهود تحقيق السلام سيكون مرتبطًا بما ستقوم به "إسرائيل".
وأضاف الصفدي؛ "إن تعاملت "إسرائيل" مع الاتفاق كحافز لإنهاء الاحتلال وتلبية حق الشعب الفلسطيني في الحرية والدولة المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967، ستتقدم المنطقة نحو تحقيق السلام العادل، لكن إن لم تقم "إسرائيل" بذلك ستعمق الصراع الذي سينفجر تهديدًا لأمن المنطقة برمتها".



أمّا تونس، خرج الرئيس قيس سعيّد عن صمته ليفصح عن موقف تونس من التطبيع الإماراتي الإسرائيلي حيث أكد أن الدول "حرة في اختياراتها وأن بلاده لا تتدخل في إرادة هذه الدول"، وهو موقف لا ينسجم مع ما أعلن عنه سابقًا إذ قال إن التطبيع "ليس جريمة إنما خيانة".
إلا أن الرئيس سعيد أكد موقف تونس الثابت من الحق الفلسطيني، وثقته في أن الشعب الفلسطيني سيسترد حقوقه المشروعة، مجددًا التأكيد على أن هذا "الحق ليس صفقة ولا بضاعة أو مجرد سهم في سوق تتقاذفه الأهواء والمصالح".



بينما السودان التي تتعرض لضغوط أميركية كبيرة للتطبيع مع كيان الاحتلال، مقابل إزالة اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يبدو أن موقفها يتغير بشكل مستمر، إذ قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو، الملقب بـ "حميدتي"، إن بلاده بحاجة إلى علاقات مع "إسرائيل" لجني الفوائد، وإن الرئيس السوداني السابق عمر البشير كان سيطبع العلاقات مع إسرائيل لولا الإطاحة به.
وأضاف "حميدتي" أنه يعتقد أن القضية الفلسطينية "مهمة"، إلا أن "مصلحة السودان فوق كل اعتبار، كما أن التيارات السياسية المعارضة للتطبيع في السودان، ترفع شعارات كاذبة".



سبق ذلك إقالة المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانيّة، حيدر بدوي صادق، بعد أن صرّح، في حديث أجراه مع قناة إماراتية أن بلاده تتطلع لاتفاق مع "إسرائيل"، على غرار الإمارات.
وفي تصريحات لصادق بعد الإعلان عن إقالته، وجهها لرئيس المجلس السيادي، عبد الفتاح البرهان، ولرئيس مجلس الوزراء، عبد الله حمدوك "اكشفوا ما يدور في الخفاء بشأن العلاقة مع "إسرائيل".
وكان التصريح قوبل بترحيب إسرائيلي، في ظل التقارير التي تشير إلى ارتفاع فرص التوصل لاتفاق مماثل بين الطرفين قبل حلول نهاية عام 2020 الجاري.
والتقى مسؤولون سودانيون في الآونة الأخيرة مسؤولين أمريكيين وإماراتيين وإسرائيليين لبحث التطبيع ورفع السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية.



ما هي الخيارات؟



أمام هذا الواقع الجديد يتحدث مراقبون فلسطينيون عن بعض من الخيارات المتاحة أمام الفلسطينيين منها: ترميم الوضع الداخلي، وجعل المصالحة الفلسطينية الأولوية الكبرى، في ظل ضعف التوقعات بإنجاز حل سياسي للقضية، في المستقبل القريب.
ومن هذه الخيارات، ضرورة زيادة النشاط الدبلوماسي الفلسطيني، والتركيز على أطراف أخرى دولية، مثل الاتحاد الأوربي، والتي ماتزال ترى مشروعية للحق الفلسطيني من الوجهة القانونية الدولية.



كما تتضمن الخيارات الرهان على عنصر الوقت، والاحتمالات، إذ يعتبر كثير من المراقبين، أن كل ما يجري من اتفاقات للتطبيع العربي الإسرائيلي، يرتبط كثيرًا بمرحلة حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويرون أنه وفي حالة خسارة ترامب للانتخابات المقبلة، أو حتى حالة الانتظار، لحين اتمامه فترته الثانية إذا ما فاز بالانتخابات، فإن كل شيء قد يتغير، سواء على المستوى العربي، أو على المستوى الدولي، فيما يتعلق بمشروعية المطالب الفلسطينية.



كما أشار العديد من المراقبين إلى ضرورة إيجاد تحالفات جديدة، مع دول عربية وغير عربية، مؤيدة للحق الفلسطيني، وكذلك تعميق العلاقات الفلسطينية مع الشعوب العربية، ومنظمات المجتمع المدني، التي قد تكون رافضة للتطبيع.


 

مقاطعة نشطة

الأكثر قراءة

أخبار ذات صلة