منذ السابع من أكتوبر، يواجه العرب ومؤيدي الحق الفلسطيني داخل الجامعات الإسرائيلية سلسلة من التضييقات والانتهاكات من قبل إدارة هذه الجامعات من جهة، ومن قبل أفراد وجماعات صهيونية تشن حملات تحريضية على الطلبة والمحاضرين من جهة أخرى.
قبل يومين أقالت الجامعة العبرية في القدس المحتلة البروفيسورة نادرة شلهوب كيفوركيان، التي وزعت عريضة تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وتتهم "إسرائيل" بارتكاب إبادة جماعية في القطاع.
إعلام العدو أرجع سبب وقف شلهوب لمقابلة بودكاست شككت فيها بمزاعم الاحتلال حول وجود اعتداءات جنسية نفذها مقاتلو حركة حماس خلال أحداث 7 أكتوبر الماضي.
أما الجامعة العبرية فقد ادّعت أن قرارها يأتي على خلفية توقيع شلهوب على عريضة في أواخر أكتوبر ضمن أكثر من 1000 محاضر وأكاديمي بكل جامعات العالم تدعو لوقف العدوان على غزة وإلى إنهاء الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
تكميم للأفواه
احتجاجًا على قرار التوقيف، شارك عدد من الطلاب والمحاضرين والباحثين العرب واليهود، الخميس، في تنفيذ وقفة صامتة داخل الحرم الجامعي في جبل المشارف.
وخلال الوقفة تم وضع لاصقات على الفم لمدة نصف ساعة في الجامعة، وذلك تنديدًا بسياسة تكميم الأفواه المتبعة تجاه كل من يحاول رفع صوته رفضًا للحرب.
قرار الجامعة العبرية تسبب بانتقادات حادة، حيث أدان التجمع الطلابي الديمقراطي، الذي يجمع الطلاب الفلسطينيين في الداخل، قرار تعليق عمل شلهوب، ووصفه بـ"الخطوات التعسفية" التي "تستهدف كل صوت إنساني وأخلاقي يرفض الحرب الدموية في قطاع غزة ويطالب بوقف هذه الجرائم التي ترتكب بشكل يومي".
مركز "عدالة" القانوني لحقوق الأقلية العربية في “إسرائيل”، وجه رسالة لإدارة الجامعة العبرية، وصف فيها القرار أيضًا بأنه “إجراء تعسفي، عنصري، ضلالي، غير دستوري، وغير قانوني، وعليكم العدول عنه فورًا!".
صدام متكرر مع الاحتلال
تعرضت شلهوب لعدة محاولات تنكيل وإقصاء أكاديمي اشتدت بعد مواقفها من الحرب الجارية على غزة، كما سبق للاحتلال أن عرّضها لحملة تحريض شعواء شارك فيها سياسيون إسرائيليون.
ففي عام 2019، ألقت محاضرة في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك بشأن حياة الفلسطيني اليومية، لا سيما الأطفال تحت الاحتلال عرضت خلالها نتائج أبحاثها بشأن الموضوع.
وأشارت خلال المحاضرة إلى القمع الذي يتعرضون له الفلسطينيون من جانب ماكينة الاحتلال الإسرائيلية العسكرية والأمنية والاستعمارية-المدنية، مشددة على دورها الأكاديمي في نقل الحقيقة.
يشار أن شلهوب أصدرت كتب عدة منها كتاب بعنوان: "العسكرة والعنف ضدّ النساء في مناطق الصراع في الشرق الأوسط: دراسة الحالة الفلسطينيّة"، كما صدر لها عام 2015 من منشورات جامعة كامبريدج، كتاب بعنوان: "ثيولوجيا الأمن، الرقابة وسياسات الخوف"؛ وأصدرت في سبتمبر 2019 كتاب بعنوان: "الطفولة المحتجزة وسياسة نزع الطفولة".
وشلهوب ولدت في مدينة حيفا عام 1960، لأبوين فلسطينيين ذاقا ويلات نكبة 1948، فوالدها هو المحامي الراحل جميل شلهوب كيفوركيان، الذي أصيب في قدمه خلال محاولته الرجوع متسللاً إلى حيفا، وهو ابن الـ 17 عاماً عام 1948.
نهج قمعي انتقامي
سياسة الاحتلال والاستعمار قائمة على القمع المبني على الخوف من أي حراك احتجاجي مخالف، وعليه شدّدت الجامعات الإسرائيلية من بعد 7 أكتوبر الخناق على حرية التعبير والتضامن في الساحات.
تعرض الطلبة الفلسطينيين وبعض الأكاديميين داخل جامعات وكليات الاحتلال إلى انتهاكات لفظية وجسدية من قبل مجموعات إسرائيلية، وقد وصل الأمر حد فصل عدد كبير من الطلبة وحرمانهم من مواصلة تعليمهم بسبب منشوراتهم المتضامنة مع غزة على صفحاتهم الشخصية بمواقل التواصل.
مركز “عدالة” الحقوقي كشف في بيان سابق عن "90 حالة لطلاب تم إبعادهم عن مسارهم التعليمي دون إجراء أو إنذار مسبق، أو يواجهون إجراءات تأديبية. بعد الفحص والتمحيص، وجد بأن مضامين المنشورات المذكورة تقع في غالبيتها العظمى تحت خانة حق حرية التعبير".
إضافة إلى ذلك فقد وصلت الانتهاكات إلى التحريض على الطلبة العرب ونشر أسمائهم وصورهم ومنشورات لهم على وسائل التواصل الاجتماعي منها ما هو قديم، للتحريض عليهم حتى أن الأمر وصل لهدر دمهم كما حدث في كلية نتانيا.
كما فتحت إدارة بعض جامعات الاحتلال ملفات ضد طلبة عرب تقدم إسرائيليون ضدهم بشكاوى غالبيتها تعتمد على لقطة شاشة لمنشور أو عبارة ما على مواقع التواصل.
لا علاقة بجامعات الاحتلال الإسرائيلي بأية قواعد للنزاهة الأكاديمية، حتى أنها تكاد تكون أحد أذرع الجيش أو الشرطة تنفذ الأجندة بحذافيرها من منع حرية التعبير وقمع أي نشاط يخالف المسموح به من الرقابة العسكرية.
المصادر:
-عربي21
-الجزيرة
-عرب 48
-الجرمق الإخباري