بإجرام معتاد متوقع، ومظهر دعائي رخيص، وحذر في استهداف النشطاء، هاجم جيش الإبادة الجماعية فجر اليوم سفينة “مادلين” المتجهة لكسر الحصار عن قطاع غزة، وسيطر عليها في المياه الدولية واقتادها لجهة مجهولة دون أي معلومات عن مصير النشطاء الـ 12 على متنها، فيما حاولت قوات العدو الخاصة تصدير لحظات المداهمة والاعتقال بغلاف دعائي سعت من خلاله لتصوير إنسانية مزعومة، سبقها موجة ممتدة من التحريض والتهديد والوعيد بحق النشطاء والقائمين على حملات كسر الحصار بحرًا عن غزة.

نجت “مادلين” من مصير “مافي مرمرة” التي شهد سطحها مذبحة دامية طالت 10 نشطاء أتراك، ولعل السبب الأوضح والوحيد في اختلاف المصيرين بين السفينتين، هو الجنسيات الغربية التي يحملها طاقم السفينة، وبقائهم على اتصال مباشر مع الحكومتين الفرنسية والبريطانية، ما منع الاحتلال أو قيد يد عدوانه وبطشه جزئيًا عن تكرار سيناريو “مافي مرمرة” مرة ثانية في مياه المتوسط.

أمام هذا المشهد، وأمام أي محاولة إسرائيلية ساقطة لإدعاء الإنسانية والتعامل الحذر الراقي مع النشطاء، علينا أن نتذكر شـ،ـ8ـ.ـداء”مرمرة” من أبناء أرض الأناضول، وأن نتذكر شـ،ـ8ـ،ـداء العودة إلى فلسطين عام 2011، وشـ،ـ8ـ،ـداء مسيرات العودة السلمية على حدود غزة عام 2018، وأن نتخيل لو أن “مادلين” وغيرها كان على متنها نشطاء عرب، أو فلسطينيون لاجئون من حول العالم قرروا ركوب البحر وممارسة حقهم الذي تكفله كل قوانين العالم بالعودة إلى أرضهم المحتلة، أو الوصول إلى جزء محاصر من وطنهم يتعرض لحرب إبادة جماعية على مدى عامين، ويقبع تحت حصار مشدد منذ قرابة عقدين من الزمن.

متسلحين بجنسياتهم الأوروبية، حاول النشطاء على متن مادلين، إحداث اختراق ميداني وإعلامي في وجه الإبادة والحصار، وسيعقب هذه المحاولة بالتأكيد محاولات أخرى، منها قوافل الزحف إلى غزة التي انطلقت من المغرب العربي، وغيرها من انتفاضة السفن التي لن تتوقف بالطبع، لكن الحدث بمجمله، يذكرنا دومًا بمعايير هذا العالم العرجاء، ومعاييره المفضوحة في نفاقها وانحيازها، ويذكرنا بأن البشر ليسوا سواسية في ظل هذا الظلم والعدوان, أن غزة كانت وتظل وستبقى كاشفة فاضحة لكل التواطؤ والانحياز والظلم الغربي، الممعن في دعم إبادتنا وتسليحها والسكوت عنها والتواطؤ في استمراريتها.