جامعة براون، أول نقاط المواجهة، وبذرة الانتفاضة الطلابية التي أينعت في كولومبيا وتمددت أغصانها لكل جامعات أمريكا، ففيها كانت المظاهرات الأولى، وأول عمليات احتلال المباني الإدارية والاعتصام داخلها، ومنها انطلق أطول إضراب مفتوح عن الطعام، وكانت فعالياتها أول فعاليات طلابية تتعرض للمداهمة والقمع من قبل قوات الأمن، وطلابها أول من يجري توقيفهم واختطافهم من داخل الحرم الجامعي إلى أقسام الشرطة عبر الشاحنات.
شهد حرم جامعة براون الأمريكية صباح اليوم، مشاركة عشرات الطلاب في نصب الخيام، وإعلان الاعتصام المفتوح، تلبية لنداء الرفاق في جامعة كولومبيا، وتجديدًا لحراكهم السابق ضد تورط إدارة جامعتهم في دعم الإبادة الجماعية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني.
وتعتبر جامعة بروان في ولاية رود آيلاند، إحدى معاقل الحراك الطلابي المناصر لفلسطين، حيث شهدت منذ أكتوبر الماضي، مظاهرات وفعاليات صاخبة، واعتصامات سيطر خلالها الطلاب على المباني الجامعية للمطالبة بسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة بدعم الاحتلال، كما كانت أول جامعة تستعين بقوات الشرطة لقمع طلابها واعتقالهم.
نوفمبر 2023، داهمت الشرطة الأمريكية الاعتصام الطلابي في الجامعة، واعتقلت 20 طالبًا بتهمة “التعدي على أملاك الغير”، واقتادهم مصفدين إلى شاحنات نقلتهم إلى مركز الشرطة خارج الجامعة
مشهد الاعتقالات، تسبب في تصعيد الحراك الطلابي داخل الجامعة، والذي اكتسب زخمًا متصاعدًا بعد جريمة إطلاق النار التي استهدفت 3 طلاب جامعيين فلسطينيين في مدينة فيرمونت، والتي كان أحد ضحاياها الطالب هشام عورتاني من جامعة براون، ما دفع إدارتها للتراجع عن محاكمة الطلاب الـ 20 وإسقاط التهم الموجهة لهم، في محاولة لتخفيض سقف المواجهة مع الطلاب.
ديسمبر 2023، تجدد الاعتصام الطلابي في مباني إدارة جامعة بروان للمطالبة بسحب الاستثمارات، لترد إدارة الجامعة باستدعاء الشرطة مجددًا لقمع الاعتصام، الذي انتهى باعتقال 41 طالبًا ونقلهم للمحاكمة، وسط تهديدات من الجامعة بتصعيد مستوى العقوبات الجنائية ضد أنصار فلسطين.
“انتهى إضرابنا عن الطعام لكن معركتنا ضد تواطؤ جامعتنا في الإبادة الجماعية لم تنتهِ بعد”
— مقاطعة (@Boycott4Pal) April 2, 2024
بهذه الكلمات أعلن طلاب جامعة براون الأمريكية انتهاء إضرابهم عن الطعام الذي استمر لمدة 9 أيام كاملة، وشكّل شرارة إلهام لرفاقهم في عدة جامعات أمريكية أخرى، الذين استلهموا الفكرة وشرعوا بها… pic.twitter.com/VcfnT9YS4x
وفي فبراير الماضي، وقبيل انعقاد الاجتماع السنوي لإدارة الجامعة، أعلن 19 طالبًا في جامعة براون إضرابهم المفتوح عن الطعام، حتى سحب الجامعة لاستثماراتها في شركات الاحتلال، ودعم وقف الإبادة، وقد حظي الإضراب وأبطاله بدعم وإسناد طلابي واسع داخل حرم براون، وفي جامعات أمريكية أخرى منها شيكاغو ،هارفارد ،إنديانا، ييل، وجبل هولييوك.
بعد 8 أيام متواصلة من الإضراب المفتوح عن الطعام، أنهى طلاب براون إضرابهم الذي صُنف في حينه كأطول إضراب مستمر عن الطعام في الجامعات الأمريكية، وسط تعهد الطلاب ومنظماتهم باستمرار النضال حتى سحب الاستثمارات بالكامل.
كان طلاب براون شرارة الحراك الطلابي الذي يكتسح جامعات أمريكا اليوم، وإن كان ما حدث في كولومبيا هو لحظة الانفجار، فقد كان طلاب براون نواة إلهام زملائهم بحراكات السيطرة على المباني، والإضرابات عن الطعام، وإعلان الاعتصامات داخل الحرم الجامعي، فكل فعل ضد الإبادة ينبت اليوم في جامعة أمريكية، كانت بذوره قد غُرست في براون قبل أسابيع وشهور.