تتعرض شركة الملابس والمستلزمات الرياضية "بوما"، لحملة واسعة تقودها حركة المقاطعة ومنظمات عالمية عديدة، من أجل وقف تعاونها ورعايتها لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي، ورغم هذا فإن الحملة لم تبدأ فقط مع هذه الشركة الشهيرة.
متى انطلقت حملة مقاطعة بوما؟
بدأت الحملة الحالية في 2018، وتمثّلت في البداية بالضغط على "بوما" لإنهاء التعاقد مع "إسرائيل"، ثم تطورت لتشمل المقاطعة الاقتصادية للشركة والعمل ضدها، إذ أن رعاية بوما للاتحاد الإسرائيلية تعود إلى تسعينيات القرن الماضي.
في أغسطس 2018، تم الإعلان أنّ شركة "أديداس - Adidas" لم تعد الراعي التجاري لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي، وذلك بعد أن دعا أكثر من 130 نادي كرة قدم فلسطيني الشركة لإنهاء رعايتها للاتحاد الضالع في اضطهاد الشعب الفلسطيني. (1)
Alert: 30th Mar 2018 - Protest Adidas support of Israeli war crimes - Demand Adidas ends apartheid sponsorship #AdidasPlayFair #BDS #Palestine https://t.co/MnLtO2f5qZ pic.twitter.com/1ejq2ZZNbq
— Inminds Human Rights Group (@InmindsCom) March 30, 2018
يذكر أن الاتحاد الإسرائيلي يضمّ ستة أندية كرة قدم موجودة في مستوطنات إسرائيلية غير شرعية تنهب أراضي الفلسطينيين ومواردهم في الضفة الغربية المحتلة.
كما جاءت خطوة أديداس بعد حملة عالمية صاخبة، دعا من خلالها نشطاء المقاطعة ومدافعون عن حقوق الإنسان الشركة لإنهاء رعايتها للمباريات المقامة على أراضٍ فلسطينية منهوبة، إذ تسلمت عريضةً دوليةً تحمل 16,000 توقيعًا.
في ذلك الوقت، صرّحت الشركة بأنّها أثارت موضوع أندية المستوطنات الإسرائيلية مع الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، مشيرة إلى الحاجة لأن يقوم الجسم الحاكم في عالم الكرة "بالفصل في مسألة فرق المستوطنات الإسرائيلية من خلال اتباع مبادئ القانون الدولي وسياسة حقوق الإنسان لديهم". (2)
كيف بدأت حملة مقاطعة بوما؟
بعد خروج أديداس من المشهد، جاءت شركة "بوما" لتكون الراعي الرسمي لمنتخب الاحتلال في عقد مدة أربع سنوات كان من المفترض أن ينتهي في يونيو 2022، إلا أنه تم تجديده دون الإعلان عن تفاصيل العقد الجديد، وذلك مع تقديم طقم الملابس الجديد في نوفمبر 2022. (3)
من خلال هذه الرعاية، فإن شركة "بوما" تربط علامتها التجارية العالمية بمنظومة التوسع الاستيطانية الإسرائيلية، والتي تُهجّر الشعب الفلسطيني عبر مصادرة الأراضي بصورة غير مشروعة وهدم المنازل من خلال عملية تطهير عرقي تدريجية.
وأكدت حركة المقاطعة في دعوتها الأولى ضد شركة بوما أن رعايتها للاتحاد الإسرائيلي تضفي الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية وتمنحها غطاءً دوليًا، وسيؤدي إلى وضعها في القائمة السوداء للشركات العاملة في المستوطنات بناءً على معايير الاختيار.
كما دعا أكثر من 200 نادي رياضي فلسطيني الشركة إلى إنهاء صفقة الرعاية والتوقف عن دعم الاستيلاء الإسرائيلي غير القانوني على الأراضي (4)
الرياضيات الفلسطينيات يطالبن بمقاطعة شركة "بوما" حتى تنهي رعايتها للاستعمار والأبارتهايد الإسرائيليّ، الذي يقمع ويضطهد الفلسطينيين، خاصة النساء.
— حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) (@BDS_Arabic) March 7, 2021
انضموا لهنّ غداً في العاصفة الإلكترونية، الساعة السابعة بتوقيت القدس. #هي_تقاطع #قاطعوا_بوما @PUMA#SheMovesUS#SheBoycotts pic.twitter.com/PSB8TcDBGw
كيف تدعم بوما الاحتلال؟
تدّعي "بوما" أنها ترعى الفريق الرسمي الإسرائيلي فقط، وأنّ ذلك يعني أنها لا تدعم فرق المستوطنات، لكن ما يحدث على أرض الواقع هو أنّ الاتحاد الإسرائيليّ يقوم بإدارة عمليات كافة فرق كرة القدم، ومن ضمنها الفريق الرسميّ، أي أنه لا فرق بين الاتحاد والفريق. (4)
كما أن دعم شركة "بوما" للاتحاد الإسرائيليّ لا يمكن إلا أن يعني تورطها في دعم فرق أندية المستعمرات غير القانونية، ذلك لأن الطبيعة المتداخلة والمترابطة لدوري كرة القدم الإسرائيليّ تعني أنّ حصول أحد مكوّناته على الدعم سيسهم في دعم مكوّنات أخرى، فالاتحاد على الأقل وفّر الأموال التي كان سيتم توجيهها للفريق الرسمي ووجهها في طريق آخر. (4)
يظهر ذلك في ضغط اتحاد كرة القدم الإسرائيلي ضد كل إجراءات المساءلة التي طرحت ضمن الـ"فيفا" بخصوص فرق أندية المستعمرات وطالب بالإبقاء على تلك الفرق ضمن صفوفه. وبحسب مقابلات أجرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" مع مدراء لفرق أندية مستعمرات إسرائيلية، أكدوا أن المشاركة في الدوريات التي يقيمها الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، وبالتالي الارتباط بالـ"فيفا"، ساهمت في رفع مستويات هذه الفرق، ورفع إمكانية مشاركتها في دوريات أكثر تقدمًا.
بالمقابل، يطرد الاحتلال العسكري الإسرائيلي عائلات فلسطينية بأكملها من ديارها لإفساح المجال لبناء المستوطنات التي تعتبر جرائم حرب بموجب القانون الدولي، كما يهدم مئات الملاعب والمدارس حارماً الأطفال والشباب الفلسطينيين من فرصة اللعب بشكل طبيعي، فضلاً عن تلويث الحقول الفلسطينية التي توفر مساحات للعب من خلال صبّ مياه المستعمرات الإسرائيلية العادمة، بينما يتمّ تشيّيد ملاعب إسرائيلية خضراء على أراضٍ فلسطينيةٍ مسلوبة.
كما أن دعم بوما للاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم يعزز سياسة "الغسيل الرياضي" التي يمارسها الاحتلال لتحسين صورته الدولية.(6)
Join the #BoycottPUMA Global Day of Action, Jan 21.
— PACBI (@PACBI) January 16, 2023
Last year we pledged #NoRestForPUMA until @PUMA ends complicity in Israeli apartheid.
We’re keeping that pledge. Groups in dozens of cities will join the day of action. Make sure yours is one of them!https://t.co/Srv4uZHona pic.twitter.com/T6lpvUCCjq
ما مدى نجاح حملة مقاطعة بوما؟
تؤكد حركة المقاطعة أن أكثر من 100 ألف شخص انضموا إلى حملة #BoycottPuma العالمية حتى يوليو 2022، مشيرة إلى تسببها في خسارة الشركة للملايين من الدولارات على هيئة عقود رياضية مهمة. (6)
وفي عام 2019 انضمت أكثر من 50 مدينة حول العالم إلى أيام العمل العالمي ضد شركة "بوما"، إذ تصدر وسم #BoycottPUMA منصات التواصل الاجتماعي مع أكثر من 7 ملايين ظهور، و16 مليون انطباع. (7)
كما أعلن 14 فريقًا إيطاليًا من فرق الرجبي للهواة من الرجال والنساء دعمهم لحملة مقاطعة بوما، بينما دعا لاعب كرة القدم السابق في برشلونة "أوليغير بريساس" الشركة لإنهاء دعمها للاحتلال الإسرائيلي.
Former Barcelona player Oleguer Presas supports call from Palestinian athletes urging @Puma to end sponsorship of Israeli teams in illegal settlements on stolen Palestinian land.
— PACBI (@PACBI) June 15, 2019
Today, groups in 20+ countries join the #BoycottPuma Global Day of Action. https://t.co/h63LNTOOb0 pic.twitter.com/wVrQqC3IuP
بذات السياق، أسقطت جامعة UiTM وهي أكبر جامعة في ماليزيا شركة "بوما" كراعٍ لفريق كرة القدم استجابةً للدعوة لحملات المقاطعة ودعوات من أكثر من 200 فريق رياضي فلسطيني. (8)
أمّا في 2020 بدأ يوم العمل العالمي ضد بوما تزامنًا مع اجتماع المساهمين في الشركة، وحقق 12 مليون ظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، وأرسل آلاف الرسائل الإلكترونية إلى المقر الرئيسي للشركة.
وفي عام 2021 تعهد نادي "فورست جرين روفرز" البريطاني، بعدم التوقيع مع "بوما" طالما أن الشركة متواطئة في انتهاك "إسرائيل" لحقوق الفلسطينيين، إذ قال رئيس النادي إن الوضع في فلسطين هو "أكبر ظلم في حياتي".
بسبب الضغوط الواسعة التي وصفها محامي الشركة بأنها "تجعل حياتنا بائسة"، ردت "بوما" على مؤيدي حملة المقاطعة بزعم أنها لا تدعم الفرق في المستوطنات غير القانونية، في حين أن شعارها موجود مباشرة أسفل الخريطة الرسمية لفرق الاستيطان والملاعب على موقع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم.
Puma continues to claim it doesn't support illegal Israeli settlements on stolen Palestinian land.
— PACBI (@PACBI) March 29, 2021
Ooops. That's @PUMA's logo on an official Israel Football Association map of settlement teams.
On Palestinian #LandDay, choose #BoycottPuma not #PumaFam. https://t.co/gnAfDnGIKv pic.twitter.com/dJ63ApfTL9
واستمرارًا لنتائج الحملة المباشرة، أعلن كل من نادي كرة القدم الفرنسي "مينيلمونتان"، ونادي قطر الرياضي، ونادي "كلابتون سي إف سي"، وأيه إف سي ويمبلدون الإنجليزيين وغيرها، عدم تجديد التعاقد مع بوما، بينما تعهد البعض الآخر بالمقاطعة حتى إنهاء "بوما" لدعمها الاحتلال الإسرائيلي.
وفي 2022 انضمت 50 مدينة أيضًا من جميع أنحاء العالم إلى يوم العمل العالمي لمقاطعة بوما، وبعث آلاف المشاركين فيه تقرير منظمة العفو الدولية، حول ممارسة "إسرائيل" لجريمة الفصل العنصري، للمديرين التنفيذيين في بوما. (6)
ما هي أشكال العمل على مقاطعة بوما
منذ انطلاق الحملة وحتى الآن، يجري تنظيم أيام عمل عالمية ضد الشركة بمشاركة عالمية واسعة من النشطاء والجهات الداعمة لفلسطين، ووقفات أمام متاجر الشركة في مراكز التسوق الكبرى، وفروعها في مدن وعواصم العالم، تشمل رفع اللافتات وتوزيع الملصقات الداعية إلى مقاطعة "بوما"، إضافة لتنظيم طاولات المعلومات والمحاضرات الميدانية لتوعية المتسوقين حول دعم "بوما" لجرائم الاحتلال، كذلك تشهد الحملة فعالايت افتراضية عبر منصات التواصل الاجتماعي عبر عواصف التغريد على وسوم #BoycottPUMA، و#NoRestForPUMA، أو من خلال توجيه رسائل بريد إلكتروني لمدير الشركة التنفيذي الجديد تطالبه بإنهاء الضلوع في الجرائم الإسرائيلية.
The CEO of @PUMA is on his way out.
— PACBI (@PACBI) November 10, 2022
Note to the new CEO: The #BoycottPUMA campaign, the one your lawyer said was making you all miserable, will continue until PUMA ends support for Israeli apartheid oppressing millions of Palestinians.
Join the campaign: https://t.co/qCvkMGlaDo pic.twitter.com/5988eZrZyf
كما يتم تنظيم فعاليات ميدانية أمام فروع الشركة في مختلف العواصم العالمية والمدن المركزية، وذلك لنشر دعوات المقاطعة من أجل الضغط على الشركة لإنهاء دعمها لـ "إسرائيل". (11)
#BoycottPUMA Protests in 50 Cities Worldwide Urge PUMA to End ... - BDS Movement |: #BoycottPUMA Protests in 50 Cities Worldwide Urge PUMA to End ... BDS Movement | https://t.co/h7gaPPtPoN pic.twitter.com/XfVjANzPlt
— デパート情報百貨 (@departinformat1) January 15, 2023
"تأثير إيجابي"!
ألزمت شركة بوما نفسها بمسؤولية اجتماعية لضمان تصنيع منتجاتها بشكل أخلاقي، إذ تؤكد أن منتجاتها "تُصنع في أماكن عمل لائقة تُحترم حقوق الإنسان"، وأنها بينما "تسعى جاهدة لتحقيق تأثير إيجابي على المجتمعات التي تتواجد فيها".
وبالنظر لرعاية بوما للاحتلال من الصعب تصديق مثل هذه التصريحات، إذ أنه حتى عام 2021 ، كانت تتعاون مع شركة Delta Galil المرخصة الإسرائيلية، والتي تظهر في قائمة الأمم المتحدة للشركات المتواطئة في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال عملياتها في المستوطنات. (9)
على الرغم من أن بوما أنهت علاقتها مع Delta Galil، إلا أنها نقلت عملياتها إلى شركة أخرى تقع في القدس المحتلة، وبالتالي تجنبت قائمة الأمم المتحدة.
بهذا تؤكد حركة المقاطعة أن "بوما استبدلت شركة إسرائيلية متواطئة بأخرى، مع الحفاظ على رعايتها لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي ودعمها لعمليات الاستيلاء على الأراضي الإسرائيلية العنيفة".
أمّا في سياق التهرب من القضية، ادعت شركة بوما أنها توصلت إلى اتفاق لرعاية اتحاد كرة القدم الفلسطيني إلى جانب الإسرائيلي، وهو ما تم نفيه بشكل مطلق من قبل الاتحاد الفلسطيني، الذي رفض في نوفمبر 2021 استقبال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، "جياني إنفانتينو"، لمشاركته في فعالية بـ "إسرائيل" لا تخدم رسائله المعلنة فيما يتعلق بقيم المنظومة الكروية الدولية. (10)
المصادر والمراجع:
- middle east monitor
- BDS movement
- موقع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم
- BDS movement
- Human Rights Watch
- BDS movement
- BDS movement
- BDS movement
- Who Profits
- The Conversation Global
- ملف التسجيل للمشاركة في اليوم العالمي ضد بوما