عماد عبد الهادي
لا تزال دعوة التطبيع مع إسرائيل التي أطلقها وزير الاستثمار السوداني مبارك الفاضل المهدي تثير موجة من التساؤلات، حول ما إذا كانت الدعوة رسمية تمثل موقف الحكومة أم تيارا يقوده الفاضل وآخرون ممن يرون أن معاداة تل أبيب أمر غير ذي جدوى.
فعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت للدعوة كونها الأولى من مسؤول رسمي (وزير اتحادي ونائب رئيس مجلس الوزراء)، فإن ذلك لم يمنع حزب مبارك -وهو حزب الأمة الذي انشق عن حزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي- من تبني الدعوة والدفاع عنها بمبررات استنكرتها هيئة علماء المسلمين في السودان.
وكان الوزير السوداني أعلن في أغسطس/آب الماضي تأييده إقامة علاقات مع إسرائيل والتطبيع معها، إذا ما تحققت مصلحة السودان بذلك.
ويعتبر الموقف الجديد هو الأول من مسؤول سوداني رفيع، منذ تورط الرئيس الأسبق جعفر النميري ومسؤولين من حكومته في تهريب اليهود الإثيوبيين (الفلاشا) إلى إسرائيل مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
دعوة سياسية معزولة من بعض الأحزاب الصغيرة، ذلك ما يراه أستاذ العلوم السياسية الباحث في جامعة أفريقيا العالمية محمد خليفة الصديق، الذي يعتقد أن الأحزاب التي تدعو للتطبيع هي من ذات الوزن الخفيف في المجتمع السوداني، "أو من شخصيات ظلت مثار جدل في وطنيتها وعلاقاتها الخارجية".
ويرى الصديق -في حديثه للجزيرة نت- أن دعوات التطبيع التي أطلقت أخيرا في غالبها محاولات لدغدغة عواطف المواطن السوداني "الغارق في همومه المعيشية وغلاء الأسعار"، مضيفا أن الدعوات ذاتها تصور التطبيع مع العدو الصهيوني على أنه يمكن أن يكون "عصا موسى" للاقتصاد السوداني، وأن كلّ القوى الصديقة للصهيونية ستتسابق نحو السودان مما يؤدي لانتعاش اقتصاد البلد المنهك.
مثال ترمب
ويقول إن من أبرز مظاهر الرفض غير المباشر لمسألة التطبيع لدى قطاعات الشعب السوداني كافة؛ ذلك الخروج الجماهيري الكثيف في عدد من المدن السودانية تنديدا بقرار الرئيس الأميركي نقل سفارة بلاده في إسرائيل إلى القدس.
يشار إلى أن الدعوة التي أطلقها الفاضل المهدي تبناها رئيس حزب الوسط الإسلامي يوسف الكودة، في حين أعلنت هيئة علماء المسلمين في السودان حرمة التعامل مع إسرائيل مهما كانت المبررات. وفي سياق توضيح موقفه، قال الكودة "إن الأمر ليس دينيا ولا عقديا"، مضيفا أن "الشرع لا يمنع إقامة هذه العلاقة المبنية على المصالح".
ويقول الكودة للجزيرة نت إن الاتجاه للتطبيع مع إسرائيل موجود في عدد من الدول الإسلامية والعربية، مشددا على أن ذلك "لم يمنعها من الوقوف ضد القرارات التي تدعو إلى تهويد القدس".
أما حزب الأمة المنشق فيدافع عن موقف رئيسه مبارك الفاضل، ويعتبر أن التطبيع مع إسرائيل يظل مشروطا بتحقق مصالح السودان، "لأن تأسيس علاقات الدول لا يجب أن يتم وفق أيديولوجيات أو ديانات وأفكار".
أهل دين
ويقول عضو الهيئة التنفيذية للحزب فتحي عثمان مادبو -للجزيرة نت- أن السودان "الآن يتعامل مع الصين التي لا تدين بدين معين، فكيف لا نتعامل مع أهل دين وهم اليهود"، وفق قوله.
ويكشف أن حزبه طلب أثناء الحوار مع المؤتمر الوطني الحاكم قبل إعلان حكومة الوفاق، "بناء علاقات السودان بعيدا عن سياسة المحاور والأحلاف."
ويمضي مادبو قائلا "رؤيتنا هي أن المناطق المقدسة يجب أن تكون لكل الديانات التي هي مهبط وحيها، على أن يصل فيها الجميع إلى اتفاق عبر الحوار دون أن تستأثر بها مجموعة دون الأخرى".
8 فبراير 2018